بهائي نيوز – هذا التقرير يستند إلى تحقيقات وتقارير منظمة هيومن رايتس ووتش، ويسلط الضوء على الانتهاكات والتحديات التي تواجه الأقلية البهائية في دولة قطر.
تعد حرية المعتقد حقًا إنسانيًا أساسيًا مكفولًا في المواثيق الدولية والدساتير الوطنية حول العالم، بما في ذلك الدستور القطري. ومع ذلك، تشير تقارير حقوق الإنسان إلى أن أفراد الأقلية البهائية في قطر يتعرضون لتمييز منهجي وترهيب ترعاه الدولة، مما يثير مخاوف جدية بشأن مستقبل وجودهم في هذا البلد الخليجي الغني بالغاز. تكشف البيانات عن نمط متصاعد من الانتهاكات التي تتراوح بين التوقيفات التعسفية والترحيل، في تجاهل صارخ للمبادئ الدستورية وللنداءات المتكررة للحوار من قبل قادة البهائية.
نمط من التمييز والاضطهاد المستمر
على مدى عقود، عانى البهائيون في قطر من تمييز حكومي عميق الجذور. يؤكد مايكل بيج، نائب مديرة الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، أن السلطات القطرية “تجاهلت باستمرار جهود قادة الطائفة المتكررة للحوار مع الحكومة وطلب الإنصاف”، مشددًا على أن “هذا التمييز الذي ترعاه الدولة يشكل تهديدًا لوجود الطائفة البهائية في قطر”. هذه التصريحات تسلط الضوء على أزمة ثقة متفاقمة بين المجتمع البهائي والحكومة، حيث يشعر الأفراد بأنهم مستهدفون بسبب معتقداتهم.
يتمثل أحد أبرز مظاهر هذا التمييز في ممارسة الترحيل التعسفي. فقد كشفت هيومن رايتس ووتش أن الحكومة القطرية قد قامت بترحيل ما يصل إلى 14 فردًا من الطائفة البهائية بين عامي 2003 و2025. اللافت في هذه الحالات هو غياب الأسباب الواضحة والمبررات المكتوبة لهذه القرارات، باستثناء حقيقة أنهم بهائيون. هذا النمط من الترحيل يزرع الخوف والقلق بين أفراد المجتمع، ويخلق حالة من عدم اليقين بشأن استقرارهم في الدولة التي يعتبرونها وطنًا لهم.
حالات فردية تكشف عن عمق الأزمة
تبرز بعض الحالات الفردية لتؤكد على خطورة الممارسات التمييزية. من بينها، حالة بهائي إيراني وُلد في قطر وأُجبر على مغادرة البلاد في مارس 2025. لم يتلق هذا الشخص أي تبرير مكتوب لقرار ترحيله، بل واجه تهديدًا بالترحيل بتهمة “الإخلال بالنظام العام”، وهي تهمة غامضة غالبًا ما تُستخدم لتبرير الإجراءات التعسفية ضد الأقليات أو المعارضين دون تقديم أدلة ملموسة.
كما تشير المنظمة إلى حالة ريمي روحاني، وهو رئيس المحفل الروحاني المركزي للبهائيين في قطر. روحاني اعتقل في 28 أبريل 2025 بموجب القانون القطري حول الجرائم الإلكترونية، بتهمة “نشر أخبار، أو صور، أو تسجيلات صوتية، أو مرئية تتعلق بحرمة الحياة الخاصة أو العائلية للغير”. هذا الاعتقال يثير تساؤلات جدية حول استخدام القوانين الجنائية، وتحديدًا قوانين الجرائم الإلكترونية، كأداة لقمع حرية التعبير والمعتقد. وتزداد هذه التساؤلات إلحاحًا بالنظر إلى أن روحاني كان قد أُطلق سراحه في يناير 2025 بعد قضائه عقوبة بالسجن لمدة شهر، مما يوحي بنمط متكرر من المضايقات القانونية.
لا يقتصر التمييز على التوقيفات والترحيل؛ بل يمتد ليشمل مجالات حيوية أخرى. فقد أشارت هيومن رايتس ووتش أيضًا إلى حالات إنهاء توظيف بهائيين و”رفض منحهم شهادات حسن السيرة والسلوك”، وهي وثيقة ضرورية للتوظيف أو استكمال الإجراءات الرسمية الأخرى. هذه الإجراءات لا تؤثر فقط على سبل عيش الأفراد، بل تحد من قدرتهم على المشاركة الكاملة في المجتمع، وتخلق طبقة من المواطنين من الدرجة الثانية.
تناقض مع الدستور والمبادئ البهائية
الممارسات التمييزية المذكورة أعلاه تتناقض بشكل صارخ مع المادة 35 من الدستور القطري الذي أُقر في عام 2003. تنص هذه المادة بوضوح على حظر أي “تمييز يقوم على الجنس والأصل واللغة أو الديانة”، وتشدد على “حرية المعتقد”. هذا التناقض بين النص الدستوري والواقع المعيشي للبهائيين يسلط الضوء على فجوة كبيرة في تطبيق مبادئ حقوق الإنسان في البلاد.
من جانبها، تتبع الطائفة البهائية، التي يقدر عدد أفرادها بأكثر من سبعة ملايين شخص حول العالم ومقرها العالمي في إسرائيل (عكا وحيفا التاريخيتين)، تعاليم بهاء الله الذي ولد في إيران عام 1817 وتعتبره نبيًا. تركز التعاليم البهائية على الوحدة، المساواة، العدالة، والسلام، وترفض العنف والتمييز بأشكاله المختلفة. ومع ذلك، لا تعترف السلطات الإيرانية بعقيدتها أيضًا، بخلاف أقليات دينية أخرى غير مسلمة تعترف بها. هذا الواقع يضع البهائيين في وضع ضعيف بشكل خاص في بعض دول المنطقة.
تاريخ الوجود البهائي في قطر: جذور تمتد لقرون
على الرغم من التحديات المعاصرة، فإن الوجود البهائي في منطقة الخليج، بما في ذلك قطر، ليس حديثًا. تعود جذور الوجود البهائي في شبه الجزيرة العربية إلى فترات مبكرة من تاريخ الدين، مع انتشار تعاليم بهاء الله بعد إعلانه في القرن التاسع عشر. وصل البهائيون الأوائل إلى قطر في أوائل القرن العشرين، مع التوسع التجاري والاقتصادي الذي شهدته المنطقة. جاء الكثير منهم من إيران، حيث كانت البهائية قد انتشرت بالفعل، وجلبوا معهم مبادئ دينهم وقيمهم التي تؤكد على العمل الجاد، الأمانة، والخدمة للمجتمع.
لم يكن حضور البهائيين في قطر بارزًا في البداية، لكنهم شكلوا مجتمعًا صغيرًا ومترابطًا. عمل العديد منهم في قطاعات التجارة، والتعليم، والرعاية الصحية، مقدمين مساهمات ملحوظة في تطوير البنية التحتية والمجتمع القطري في مراحل مبكرة. ومع تزايد اكتشاف النفط في منتصف القرن العشرين، تدفق المزيد من العمال والمقيمين إلى قطر، ومعهم ازداد عدد البهائيين، وإن ظلوا أقلية صغيرة وغير بارزة بشكل علني بسبب طبيعة النظام السياسي والاجتماعي في الدولة.
في العقود اللاحقة، استمر المجتمع البهائي في قطر في الوجود بهدوء، محافظًا على هويته الروحية ومبادئه. ومثلما هو الحال في لبنان، لا يوجد اعتراف رسمي بالطائفة البهائية في قطر كطائفة دينية مستقلة، مما يفرض عليهم قيودًا على ممارسة شعائرهم علانية، وإقامة مؤسساتهم الدينية، وتسجيل أحوالهم الشخصية وفقًا لدينهم. هذا الوضع يجعلهم عرضة للقيود الإدارية والاجتماعية التي قد تؤثر على حياتهم اليومية، كما أبرز تقرير هيومن رايتس ووتش، على الرغم من مساهماتهم التاريخية والمستمرة في النسيج الاجتماعي والاقتصادي للبلاد….المزيد
بيان الجامعة البهائية في الدورة ال55 لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة
عاجل – بيان أمريكي بشأن ما يحدث للبهائيين
البهائية في قطر, حقوق الإنسان, تمييز ديني, توقيف تعسفي, ترحيل, هيومن رايتس ووتش, حرية المعتقد, Baha’is in Qatar, Human Rights, Religious Discrimination, Arbitrary Detention, Deportation, Human Rights Watch, Freedom of Belief, الأقلية البهائية, قمع الأقليات, Constitution of Qatar, Remy Rouhani, الخليج, Gulf Region.
اذا اردت الانضمام لكتاب هذا الموقع إرسل لنا رسالة عبر editor@abnnews.net If you wish to join this website's writers, send us a message via editor@abnnews.net
Si vous souhaitez rejoindre les rédacteurs de ce site, envoyez-nous un message via editor@abnnews.net
اگر مایلید به نویسندگان این وبسایت بپیوندید، پیامی به ما از طریق editor@abnnews.net ارسال کنید.
Si deseas unirte a los escritores de este sitio web, envíanos un mensaje a través de editor@abnnews.net