لماذا يبتعد البهائيون عن الجدال السياسي والصراعات العالمية؟

بهائي نيوز – لطالما لاحظ الكثيرون ميل البهائيين إلى الابتعاد عن المناقشات السياسية والصراعات الدائرة في العالم، وهو ما يثير تساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء هذا التوجه. لا يعود هذا الأمر إلى اللامبالاة أو عدم الاهتمام بما يجري، بل هو نابع من أسس عقائدية ومبادئ راسخة في صميم الدين البهائي، والتي تهدف إلى بناء عالم يسوده السلام والوحدة.

للاشتراك مجانا ومشاهدة كل الفيديوهات البهائية اضغط هناTo subscribe for free and watch all Baha'i videos, click here

الوحدة كركيزة أساسية

يُعد مبدأ وحدة الجنس البشري حجر الزاوية في العقيدة البهائية. يؤمن البهائيون بأن البشر جميعًا ينحدرون من أصل واحد وأن تنوعهم هو مصدر للجمال والقوة، لا سبب للانقسام والنزاع. تقتضي هذه الرؤية ضرورة تجاوز الانتماءات الضيقة كالقومية، العرق، أو الطبقة، والتركيز على الهوية الإنسانية الجامعة. الانخراط في الجدالات السياسية القائمة على المصالح الحزبية أو الوطنية غالبًا ما يؤدي إلى تعميق الانقسامات، وهو ما يتناقض جذريًا مع هذا المبدأ الجوهري. البهائيون يسعون لتعزيز الوحدة من خلال أعمالهم ومواقفهم، لا من خلال الانحياز لأي طرف في صراع يعزز التفرقة.

شوقي أفندي وبيان بيت العدل الأعظم،

وأكد حضرة شوقي أفندي دائمًا على الأهمية الروحية لعمل الدين، وعلى العزيمة الراسخة التي يجب على المؤمنين القيام بها لأداء واجباتهم المقدسة، كما حذّر من الانخراط في أي جدل أو تشابك أو خلافات سياسية. “فليرتفعوا فوق كل خصوصية وتحزب”، حثّ في مناسبة أخرى، “فوق الخلافات التافهة، والحسابات التافهة، والأهواء الزائلة التي تُقلق العالم المتغير وتلفت انتباهه”. هذه هي الزبد والهزات الحتمية التي ترتفع مع تدافع الأمواج المتلاحقة في مجتمع مضطرب ومنقسم.

بيان بيت العدل الأعظم، رضوان ٢٠١٧

إن المجلس الروحاني الوطني على ثقة تامة بأن الأحباء سيدركون المستوى الرفيع الذي ندعو إليه جميعًا، وسيُقدّرون ضرورة عدم الانجرار إلى النقاشات الخلافية المثيرة للانقسام التي تُشكّل أساس الكثير من المعاناة التي تُصيب البشرية.

دعونا نضع في اعتبارنا أن خطط بيت العدل الأعظم هي التي نُحثّ على تركيز وقتنا وطاقاتنا عليها، وأنها ستُثبت أنها الحل الأمثل للمحن التي يواجهها المجتمع اليوم.

إن أساليب وأدوات الخطة تُمكّن كل نفس من المساهمة بجزء مما تحتاجه البشرية اليوم. إن السعي وراء الخطة ليس بلسمًا مؤقتًا لآلام اللحظة، بل هو الوسيلة التي تُطلق من خلالها عمليات بناء طويلة الأمد، تتكشف عبر الأجيال، في كل مجتمع. كل هذا يشير إلى نتيجة ملحة لا مفر منها: يجب أن تكون هناك زيادة سريعة ومستدامة في عدد الأشخاص الذين يُكرّسون وقتهم وطاقتهم وتركيزهم لإنجاح هذه المهمة.

تجنب التعصب والتحزب

يُحرم الدين البهائي على أتباعه الانخراط في التعصب بكل أشكاله، سواء كان تعصبًا دينيًا، عرقيًا، قوميًا، أو سياسيًا. فالتعصب هو وقود الصراعات، ويُعمي الأبصار عن الحقيقة ويُغلق الأذهان عن التفاهم. لذلك، يمتنع البهائيون عن الانضمام إلى الأحزاب السياسية أو التورط في حملاتها، لأن ذلك غالبًا ما يتطلب الولاء لمصالح حزبية على حساب المصلحة العامة والعدالة. يرون أن التزامهم يجب أن يكون تجاه الإنسانية جمعاء ومبادئ العدل الإلهي، لا تجاه أيديولوجيات أو برامج حزبية مؤقتة.

السياسة الروحانية مقابل السياسة التقليدية

يرى البهائيون أن السياسة الحالية غالبًا ما تكون مبنية على المصالح الضيقة والتنافس على السلطة، مما يؤدي إلى الفساد والصراع. بدلاً من ذلك، يؤمنون بضرورة إرساء نظام عالمي جديد يستند إلى مبادئ روحانية وأخلاقية. هذا لا يعني أنهم لا يهتمون بالحوكمة أو التنظيم المجتمعي، بل على العكس، إنهم يدعمون المفاهيم التي تعزز العدالة والمساواة والرخاء للجميع. لكنهم يعتقدون أن التغيير الحقيقي والمستدام يجب أن يأتي من تحول في القلوب والعقول، ومن تطبيق المبادئ الروحانية في جميع جوانب الحياة، بما في ذلك الحكم.

دور البهائيين في بناء السلام

بدلاً من الانخراط في الصراعات، يركز البهائيون على المساهمة الإيجابية في بناء مجتمعاتهم وتعزيز السلام. يشاركون في الأنشطة التي تهدف إلى تحسين الظروف الاجتماعية، وتعزيز التعليم، ونشر القيم الأخلاقية. يؤمنون بأنهم من خلال بناء مجتمعات محلية قوية ومتماسكة، يمهدون الطريق نحو نظام عالمي أكثر عدالة وسلامًا. هذا الدور العملي والبناء هو ما يميز موقفهم، حيث يرون أن الحلول الحقيقية تكمن في التعاون والبناء المشترك، لا في الجدال والتنازع.

باختصار، إن ابتعاد البهائيين عن الجدالات السياسية والصراعات العالمية ليس هروبًا من الواقع، بل هو التزام عميق بمبادئهم الأساسية التي تدعو إلى الوحدة، وتجنب التعصب، والسعي نحو نظام عالمي قائم على العدل والمحبة. إنهم يسعون ليكونوا جزءًا من الحل، لا جزءًا من المشكلة…المزيد
.
كاتبة المقال
نور بيان
صحفية ومترجم

ABN Bahá’í News مؤسسة بهائي نيوز
للتواصل    nour@abnnews.net

.

lلموضوعات الأكثر بحثا ً
تحذيرات البهائية من ويلات الحروب

موقف الدين البهائي من الحرب العالمية الثالثة ، وماذا سيحدث لايران؟

عاجل – حملة قمع جديدة تستهدف البهائيين في إيران

الملكة ماري ملكة رومانيا: رائدة بهائية على عرش أوروبا

البهائية تقدم حلول لقوة دافعة للتغيير وبناء المستقبل

إشراقة معبد بهائي جديد تضيء آفاق الوحدة العالمية

السفارة الفرنسية في اليمن تصدر بيانًا طارئًا بشأن البهائيين

.

شاهد الفيديو

البهائية,  البهائية والسياسة , مبدأ الوحدة البهائي, بهائي نيوز, السياسة البهائية, البهائيين وبناء السلام, مبادئ العقيدة البهائية, نبذ الانقسامات في البهائية, تجنب التعصب السياسي البهائي, البناء المجتمعي البهائي, رؤية البهائيين للسلام, العدالة العالمية البهائية, الأخلاق البهائية, الحياد السياسي البهائي, الخدمة للمجتمع البهائية, التوافق البهائي, موقف البهائيين من الصراعات, أهداف الدين البهائي, نظام عالمي بهائي, تطبيق المبادئ البهائية.

شاهد الفيديو  https://www.youtube.com/watch?v=MicPbpxjDTs    

اذا اردت الانضمام لكتاب هذا الموقع إرسل لنا رسالة عبر editor@abnnews.net If you wish to join this website's writers, send us a message via editor@abnnews.net

 Si vous souhaitez rejoindre les rédacteurs de ce site, envoyez-nous un message via editor@abnnews.net

 اگر مایلید به نویسندگان این وب‌سایت بپیوندید، پیامی به ما از طریق editor@abnnews.net ارسال کنید.

Si deseas unirte a los escritores de este sitio web, envíanos un mensaje a través de editor@abnnews.net

 

للتواصل : info@abnnews.net

Scroll to Top