بهائي نيوز – يُنظر إلى العلاقة بين الدين البهائي والإسلام، من المنظور البهائي، على أنها استمرارية وتطور ضمن سلسلة متعاقبة من الرسالات الإلهية التي هدفت جميعها إلى تربية الجنس البشري وتوحيده. لا يرى البهائيون الإسلام كدين يتعارض مع عقيدتهم، بل كفصل سابق ومقدس في كتاب واحد من الوحي الإلهي المستمر، وكجزء أساسي من الإرث الروحي للبشرية. يستند هذا الفهم إلى المبدأ البهائي المحوري المعروف بـ “الوحي التدريجي” (Progressive Revelation)، والذي يؤكد أن الله، في محبته اللانهائية، يرسل رسله (مظاهر أمره) إلى البشرية عبر العصور، كل برسالة تتناسب مع احتياجات ودرجة نضج المجتمع في عصره…شاهد الفيديو في نهاية هذا التقرير
إن الدين البهائي، الذي ظهر في منتصف القرن التاسع عشر في بلاد فارس (إيران حالياً)، يُقدم نفسه ليس بديلاً عن الأديان السابقة، بل تتويجاً لها ومكملاً لمقاصدها. من هذا المنطلق، يتم احترام الإسلام وكل تعاليمه السامية، ويُعترف بمحمد (صلى الله عليه وسلم) كنبي ومظهر من مظاهر الله. هذا التقرير سيتناول الفروق الجوهرية بين الدين البهائي والإسلام من وجهة نظر بهائية، مستنداً إلى تعاليم وكتابات الدين البهائي نفسه، والتي تُقدم رؤية فريدة للعلاقة بين الأديان وتُشدد على وحدتها الجذرية رغم اختلاف مظاهرها الخارجية وتطور شرائعها.
الوحي التدريجي: الإسلام مرحلة أساسية، لا خاتمة النبوات
يُعتبر مبدأ الوحي التدريجي حجر الزاوية في العقيدة البهائية، وهو ما يُشكل الفرق الجوهري في النظرة إلى الإسلام. فبينما يؤمن المسلمون بأن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) هو “خاتم النبيين” وأن القرآن هو آخر الكتب السماوية، يرى البهائيون أن الله لا يوقف إرسال رسله إلى البشرية. بل إن عملية الوحي هي عملية مستمرة لا نهاية لها، تتجلى من خلالها “مظاهر أمر الله” (Manifestations of God) مثل إبراهيم، موسى، بوذا، زرادشت، المسيح، محمد، والباب (مؤسس الدين البابي الذي مهد للدين البهائي)، ثم بهاءالله (مؤسس الدين البهائي).
من هذا المنظور، لا يُقلل البهائيون من شأن نبوة محمد أو قدسية القرآن، بل يعتبرونهما ذروة وحي إلهي عظيم جاء ليُكمل رسالات سابقة ويُقدم للبشرية تعاليم تناسب مرحلة نضجها آنذاك. لكن البهائيين يؤمنون بأن البشرية قد تجاوزت تلك المرحلة ودخلت عصراً جديداً يتطلب رسالة جديدة وتوجيهات أوسع نطاقاً لتحقيق الوحدة العالمية والسلام. لهذا السبب، يرون ظهور الباب وبهاءالله استمراراً ضرورياً لسلسلة الوحي، استجابة لاحتياجات العصر الحديث.
يوضح بهاءالله في كتاب “الإيقان” (Kitáb-i-Íqán) مفهوم الوحي التدريجي وكيف أن كل مظهر إلهي يأتي برسالة تتوافق مع قدرة البشرية على الاستيعاب والتطبيق، ويهدف إلى تحقيق غاية أسمى وهي وحدة العالم.
مؤسسو الأديان والكتابات المقدسة
المؤسسون: يؤمن المسلمون بأن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) هو خاتم الأنبياء والمرسلين، وهو الذي جاء برسالة الإسلام الشاملة. أما البهائيون، فيؤمنون بأن بهاءالله هو المظهر الأحدث والأعظم من مظاهر أمر الله، وهو الذي جاء بالدين البهائي. كما يُعتبر الباب (اسمه الأصلي علي محمد الشيرازي) المبشر بالدين البهائي وله مكانة نبوية ضمن المنظور البهائي، وهو الذي أعد الطريق لظهور بهاءالله.
الكتب المقدسة: الكتاب المقدس في الإسلام هو القرآن الكريم، كلام الله المنزل على النبي محمد. .. وفي الدين البهائي، الكتاب الأقدس هو “الكتاب الأقدس” (Kitáb-i-Aqdas)، الذي كتبه بهاءالله. بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من الكتابات الأخرى لبهاءالله، والباب، وعبدالبهاء (ابن بهاءالله ومركز عهده)، تُشكل جميعها جوهر النصوص المقدسة البهائية. يرى البهائيون أن هذه الكتابات توسع وتكمل تعاليم الكتب السماوية السابقة، بما فيها القرآن، لتُقدم حلولاً لتحديات العصر الحديث.
التعاليم والمبادئ الأساسية: نقاط التقاء واختلاف في التركيز
هناك العديد من المبادئ التي تتشابه فيها الأديان في جوهرها، ولكن يختلف التركيز عليها أو تفاصيل تطبيقها:
- وحدانية الله: كلاهما دين توحيدي يؤمن بوحدانية الله المطلقة، الذي لا شريك له ولا نظير. هذا هو الأساس الذي يلتقي فيه الدينان.
- وحدة الجنس البشري: بينما يُشدد الإسلام على المساواة بين البشر وإلغاء الفروق العرقية، فإن الدين البهائي يضع وحدة الجنس البشري في صميم تعاليمه كهدف أسمى ورؤية واقعية لمستقبل البشرية. يُنظر إلى تنوع الأعراق والثقافات كجمال يثري الوحدة، وليس سبباً للانقسام.
- المساواة بين الرجل والمرأة: يُعتبر هذا المبدأ ركيزة أساسية في الدين البهائي، حيث يؤمن البهائيون بالمساواة الكاملة في الحقوق والواجبات بين الرجل والمرأة، واعتبارها ضرورة حتمية لتقدم الحضارة. بينما يؤكد الإسلام على تكريم المرأة وحقوقها، فإن هناك تفسيرات فقهية مختلفة قد تُفهم على أنها تُعطي الرجل بعض الأفضلية في جوانب معينة (مثل القوامة أو الإرث في بعض الحالات).
- الوئام بين العلم والدين: يؤمن البهائيون بأن العلم والدين جناحان يطير بهما الإنسان إلى الكمال، وأنه لا يمكن أن يكون هناك تعارض حقيقي بينهما لأن كلاهما مصدر للحقيقة. هذا المبدأ يُشدد عليه بشكل خاص في التعاليم البهائية، ويُشجع على البحث العلمي.
- التحري المستقل عن الحقيقة: يُحث كل فرد بهائي على البحث عن الحقيقة بنفسه وعدم التقليد الأعمى، وذلك باستخدام العقل والقلب.
- القضاء على جميع أنواع التعصب: يُحرم التعصب بجميع أشكاله، سواء كان عرقياً، دينياً، طبقياً، أو قومياً، ويُعتبر عائقاً أمام وحدة البشرية.
- إقامة السلام العالمي: الهدف الأسمى للدين البهائي هو إقامة سلام عالمي دائم، يُبنى على العدل والوحدة والوئام بين الأمم.
الشرائع والممارسات: اختلافات في الشكل، وحدة في المقصد
توجد اختلافات واضحة في الشرائع والممارسات اليومية بين الدينين:
- الصلاة: للمسلمين خمس صلوات مفروضة يومياً في أوقات محددة وبتوجه معين (القبلة نحو الكعبة). لدى البهائيين صلاة فريضة واحدة يومياً (صلاة بهائية كبرى)، ويمكن اختيار صيغة من ثلاث صيغ، وتُؤدى بتوجه معين (القبلة نحو الروضة البهائية في البهجة بعكا).
- الصيام: يصوم المسلمون شهر رمضان كاملاً من الفجر حتى المغرب. يصوم البهائيون 19 يوماً في شهر العلا (آخر شهر في التقويم البهائي) من شروق الشمس حتى غروبها، قبل عيد النوروز (رأس السنة البهائية).
- الحج: حج المسلمين إلى الكعبة في مكة. حج البهائيين إلى بيوت مقدسة في شيراز (بيت الباب) وعكا (بيت بهاءالله) في إسرائيل.
- رجال الدين: ليس في الدين البهائي طبقة كهنوتية أو رجال دين محترفين. تُدار الشؤون الدينية عبر مؤسسات منتخبة ديمقراطياً (المحافل الروحانية). في الإسلام، يوجد علماء دين وأئمة وشيوخ لهم أدوار قيادية وروحية مهمة.
- الزواج والطلاق: لكل دين قوانينه الخاصة بالزواج والطلاق. في الدين البهائي، الزواج تشجع عليه التعاليم، والطلاق مكروه جداً ويُتبع بفترة انتظار لمدة عام.
- المشروبات الروحية والمخدرات: كلاهما يحرم تناول الكحول والمخدرات، لكن التعاليم البهائية تشدد على حرمة هذه المواد بشكل قاطع.
- العمل والعبادة: في الدين البهائي، يُنظر إلى العمل المنتج الذي يُؤدى بروح الخدمة على أنه عبادة.
نحو عالم موحد
من وجهة نظر بهائية، فإن الإسلام ليس دينًا منافسًا أو ملغياً، بل هو حلقة ذهبية في سلسلة الوحي الإلهي. لقد أتى برسالة عظيمة للعالم، وشكل حضارة إسلامية ذات إسهامات جليلة في كافة مجالات الحياة. الاختلافات بين الدينين لا تُنظر إليها كسبب للعداء أو الانقسام، بل كعلامة على التطور التدريجي للخطة الإلهية للبشرية.
يرى البهائيون أن بهاءالله لم يأتِ لهدم ما بناه الأنبياء من قبله، بل ليُشيد فوقه صرح الوحدة العالمية والسلام الدائم. إن تعاليم الدين البهائي تسعى إلى جمع البشرية من جميع الأديان والثقافات تحت مظلة واحدة من الوحدة في التنوع، متخذة من تاريخ الأديان، بما فيها الإسلام، دروساً لتقدم البشرية نحو عصر جديد من النضج الجماعي.
المصادر:
كتاب الإيقان، بهاءالله.
الكتاب الأقدس، بهاءالله.
لوح القرن، عبدالبهاء.
مختارات من كتابات حضرة بهاءالله.
الموقع الرسمي للجامعة البهائية العالمية (Baháʼí International Community).
…..المزيد
منير عرفاني
صحفي ومترجم
الصلاة البهائية الكبرى
الصلاة الوسطى في الدين البهائي
الصلاة الصغرى في الدين البهائي
تحذيرات البهائية من ويلات الحروب
موقف الدين البهائي من الحرب العالمية الثالثة ، وماذا سيحدث لايران؟
عاجل – حملة قمع جديدة تستهدف البهائيين في إيران
الملكة ماري ملكة رومانيا: رائدة بهائية على عرش أوروبا
هيومن رايتس: اضطهاد وتمييز ضد البهائية في هذا البلد العربي
.
شاهد الفيديو
البهائية والإسلام, هل يؤمن البهائيون بمحمد؟,البهائي هل هو مسلم؟,هل يصوم البهائيون رمضان؟,ماذا يقول البهائي عن الإسلام؟,الفرق بين البهائية والاسلام,هل البهائيون مسلمون؟,ماذا يعبدون الديانة البهائية؟,هل البهائية فرقة من الشيعة؟,هل يؤمن البهائيون بالقرآن؟, بهاءالله, الكتاب الأقدس, السلام العالمي البهائي, الصلاة البهائية, الصيام البهائي, الحج البهائي, غياب الكهنوت البهائي, الباب (مؤسس الدين البابي), تطور الرسالات الإلهية.
شاهد الفيديو https://www.youtube.com/watch?v=MicPbpxjDTsاذا اردت الانضمام لكتاب هذا الموقع إرسل لنا رسالة عبر editor@abnnews.net If you wish to join this website's writers, send us a message via editor@abnnews.net
Si vous souhaitez rejoindre les rédacteurs de ce site, envoyez-nous un message via editor@abnnews.net
اگر مایلید به نویسندگان این وبسایت بپیوندید، پیامی به ما از طریق editor@abnnews.net ارسال کنید.
Si deseas unirte a los escritores de este sitio web, envíanos un mensaje a través de editor@abnnews.net